الخطب والمحاضرات

السحر (2)

2010-01-10



ملخص الخطبة
1- أسباب لجوء الناس إلى السحر.
2- أنواع خوارق العادات.
3- العلاج بالسحر.
4- التداوي بالقرآن.
5- الوقاية من السحر.
6- العلاج من السحر.
7- التحذير من قبول قول المسحور فيمن سحره.
-------------------------


الخطبة الأولى
أما بعد: فأوصيكم ـ أيها الإخوة ـ ونفسي بتقوى الله وطاعته.
عباد الله، علمنا في الجمعة الماضية عن السحر وتلونا قوله تعالى: وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنْ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [البقرة:102]. وقد علقنا على هذه الآية.
وقال الله تعالى: قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ [يونس:77]، وقال سبحانه: فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ [يونس:81].
في الآية الأولى نفى الله الفلاح عن الساحرين، وفي الثانية سمى السحرة مفسدين.
عباد الله، إذا كان هذا الذم وهذا الوعيد وهذه العقوبات في الدنيا والآخرة معدة للساحر فلِم يقدِم الناس على السحر؟!
الجواب: إنه البحث عن الغريب والشاذّ، إنه البحث عن الشهرة والظهور، إنه البحث عن المال والكسب المادي، إنه البحث عن الشهوة المحرمة، إنه البحث عن الجاه والمنزلة عند الناس، إنه جلب التعظيم والتقديس لكون الجهال يجعلون السحرة من الأولياء.
وقد ذكر الشعراني أن بعض ضعاف النفوس يلجئون إلى السحر والكهانة لإظهار الخوارق حتى يحسّوا أنفسهم من الأولياء، وخير مثال على ذلك الحلاج الذي قدم روحه فداءً للشهرة والجاه.
ويذكر ابن خلدون أن بعض المتصوفة خاضوا في نوع من السحر هو علم أسرار الحروف، وهذا النوع هو المسمى بالسيمياء. ويذكر ابن خلدون أن هذا العلم حدث في الملة بعد صرفها وعند ظهور الغلاة من المتصوفة وجنوحهم إلى كشف حجاب الحس وظهور الخوارق على أيديهم.
عباد الله، لا تغترّوا بكلّ من أظهر الخوارق وتحدث عن المغيبات وزعم الكشف والأخبار بما في الضمير؛ فإن كثيرًا من ذلك هو من باب السحر والكهانة.
ونحن نعتقد ونصدق بكرامات الأولياء غير أنا نقول: إنه كما يوجد أولياء للرحمن يكرمهم الله، ويجري على أيديهم الكرامات، فإن للشيطان أولياء منهم السحرة والكهنة والعرافون، تجري كذلك على أيديهم بعض الخوارق، وهي دليل على ولايتهم للشيطان.
لذا قال الإمام الشافعي رحمه الله: "لو رأيت إنسانًا يمشي على الماء أو يطير في الهواء فلا تعجب به حتى تعلم استقامته" (   ) .
وقد سبق التحذير من الذهاب إلى هؤلاء، وأكثر من يزعمون العلاج العربي هم من أجل هذا الشأن، خصوصًا الذين يطلبون آثارًا من آثار المريض، أو يسألون عن اسمه واسم أمه.
وأما التداوي بالقرآن فلا حرج فيه إذا علم أنه يقرأ القرآن فقط، أو رقى شرعية فقط، وأما إذا كان القارئ يقرأ كلامًا لا يفهم فإنه لا يجوز الذهاب إليه.
-------------------------
الخطبة الثانية
يقول الرسول : ((ما أنزل الله من داء إلا أنزل له دواء، علمه من علمه، وجهله من جهله)) (   ) .
وإن لنا مع السحر طريقان:
الأولى: الوقاية منه، وذلك بأمور:
1- الاستعاذة والالتجاء إلى الله سبحانه منه، فقد أرشدنا الله إلى ذلك في آيات كثيرة.
2- تقوى الله سبحانه.
3- صدق التوكل على الله.
4- تجريد توحيد الله تعالى وعدم الالتفات إلى سواه.
5- المداومة على الأذكار الواقية من الشرور.
الثانية: إزالته بعد وقوعه وذلك بما يلي:
1- الرقى والتعاويذ.
2- التعرف على موطن السحر وإزالته.
3- استعمال الأدوية المباحة.
عباد الله، أما الذهاب إلى السحرة لحل السحر فإنه لا يجوز في أصح أقوال العلماء.
ويجد التنبيه إلى أنه لا يقبل قول المسحور أن فلان سحرني، ولا كلام الجني على لسان المسحور أو غيره أن الذي فعل ذلك هو فلان إلا بالبينة الشرعية.

جميع الحقوق محفوظة لـ موقع الشيخ أحمد المعلم