نص كلمة شيخنا في صحيفة الوحدة العدد 956 يوم الأربعاء 29 / ذي الحجة 1430هـ
دروس مهمة
هنا بعض الفوائد من هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوجزها لنا عضو جمعية علماء اليمن ومستشار وزير الأوقاف والإرشاد الشيخ أحمد بن حسن المعلم قائلاً: هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك الحدث غيّر مجرى التاريخ لا شك أنه لم يأت من فراغ ولكنه جاء وفق سنن الله الكونية والعمل الدؤوب الذي قام به النبي صلى الله عليه وآله وسلم، حيث أعد له الإعداد الكافي بحسب الإمكانيات المتاحة وعلى ذلك فإن من أعظم الدروس التي يجب أن تستلهمها الأمة في وضعها الحالي أن الأمور إذا بلغت غاية الضيق انفرجت ، لكن بشرط أن يكون هناك عمل وأن تكون هناك إرادة قوية للخروج من هذه الأزمة وأن نكون مع ذلك واثقين بوعد الله سبحانه وتعالى.. فمتى اكتملت هذه الأمور الثلاثة فإن الله سبحانه لن يخلف سننه في عباده.
كما قال سبحانه وتعالى »فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا«.
الأمر الثاني: أن الأمة يجب أن تبادر إلى تنظيم أمورها وإعداد الخطط المحكمة لتحقيق أهدافها وطموحاتها غير متكلة على ذلك، فهي تعد الذي عليها وترجو الذي من الله سبحانه وتثق به.
الأمر الثالث أن جميع من في الأرض لو اجتمعوا على ضر هذه الأمة فلن يضروها إلا بإذن الله ولن يأذن الله بضرها إلا إذا سعت هي إلى ذلك، قال تعالى »وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم«..
الأمر الرابع: اليقين بوعد الله سبحانه وتعالى حين وعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم سراقة بن مالك أن يلبس سواري كسرى وهو شريد طريد في رحلة الهجرة.
قبل الهجرة
إن المتأمل في حال النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل بعثته ليعلم قدر المشقة التي تحملها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سبيل الدعوة إلى الله عز وجل..
فقد كان يدعى الصادق الأمين، يأمنه المشركون ويودعون عنده الأمانات وحين ابتعثه الله عز وجل للدعوة إليه وترك الأنداد التي يعبدونها مع الله.. اشتد أذى المشركين عليه فاتهموه بالسحر والكهانة والكذب وطلقوا بناته وخنقوه ووضعوا الجزور على ظهره وهو ساجد يصلي ولم يتوانوا في أن يقتلوه أبداً..
وكان ذلك الأذى على الصحابة رضي الله عنهم أيضاً..
ومن هنا نتعرف أيضاً على دروس عظيمة في الصبر على البلاء ووجود باعث قوي في قلب النبي صلى الله عليه وآله وسلم يملأه رحمة على هؤلاء القوم الذين يحرص النبي عليه الصلاة والسلام على هدايتهم وهم يحرصون على أذاه..
كذلك صبر النبي وثقته بربه فها، هو أحد أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام حين يشتد الأذى على المسلمين يقول للنبي عليه الصلاة والسلام: ألا تدعو لنا يا رسول الله فيرد عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيقين متدفق مبيناً له ألوان العذاب الذي كان يلاقيه المؤمنون من الأمم السابقة وكيف أنهم كانوا يصبرون على ذلك دون رجوع عن دينهم الحق.
ورغم تلك الشدة إلا أن النبي عليه الصلاة والسلام يؤكد لأصحابه أن هذا الدين سيبلغ المشارق والمغارب..
بعد الهجرة
ونختم هنا بدرسين عظيمين من حياة النبي عليه الصلاة والسلام علمهما أصحابه رضي الله عنهم أجمعين بعد قدومه للمدينة وأول هذين الدرسين هو بناء المسجد الذي كان أول عمل قام به في المدينة هو بناء المسجد وذلك لأهميته وعظم أمره في حياة المسلمين.. فكيف حالنا اليوم مع المساجد.. وهل وعينا هذا الدرس البليغ؟
أما الدرس الثاني فهو المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار وهو درس بليغ أيضاً فمتى كان الإخاء والمحبة قائمين بين المسلمين خرجت الشحناء والبغضاء من حياتهم وكانت نصرة الله معهم.
ومتى خرج الإخاء من حياتهم ووجد البغض بينهم طريقاً إلى قلوبهم تفرق جمعهم وضعفت قوتهم قال تعالى »ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم«.
ما يمكن أن نستفيده من درس الهجرة لوأد الفتنة؟!
( أحداث التمرد في صعدة والحراك في الجنوب لم تكن إلاّ نتيجة لولاءات خارجية ينفذها العملاء في الداخل ويمولها الأعداء من الخارج.
ولم يتوان الساعون في تلك الفتن في أن يدّعوا لأنفسهم الحق ولمطالبهم الأولوية.. ومايزالون يستعملون شعارات براقة تحاكي هموم وتطلعات أبناء اليمن.. إلا أنها جميعاً زائفة.. وهي كما يقال كلمات حق يراد بها باطل.. فمن أراد مصلحة البلاد فعليه أن يبني ولا يهدم وأن يحرص على جمع الكلمة والتئام الشمل وليس التفرق والانفصال، ونحن على مشارف انتهاء عام وقدوم عام آخر حرصنا على التقاء بعض أهل العلم لنقف معهم وقفات حول تلك الأزمات: ) ( )
وقفة محاسبة
الشيخ أحمد بن حسن المعلم عضو جمعية علماء اليمن ومستشار وزير الأوقاف والإرشاد، قال في هذه المناسبة: مضى عام من عمر هذه الأمة وقد جرى فيه الكثير من الأحداث والأحوال على مستوى كل فرد وعلى مستوى الشعب اليمني بأكمله، ولا شك أن ما جرى هو حصاد لما غرسته أيدينا وكل عامل سيحصد ما عمل.. والواجب أن نعتبر لما جرى وأن نعيد حساباتنا فننظر إلى الأسباب التي أثمرت الخير فنحافظ عليها وننميها ونزيد منها ثم ننظر إلى الأسباب التي أثمرت خلاف ذلك فنعمل على تلافيها والبعد عنها واستبدالها بأسباب تثمر الخير.. وتوصل إليه وتسهم في رقي هذه الأمة وسعادتها وأمنها واستقرارها.
وفي نظري أن ما أصابنا من بلاء ومصائب فإنه بسبب بعدنا عن الله وانحرافنا عن سبيله وعلينا أن نتوب إلى الله ونصطلح معه ونسعى في مرضاته على كافة المستويات بحيث نحكمه في سائر شؤوننا على مستوى الفرد والجماعة ثم لا نجد في أنفسنا حرجاً مما قضى ونسلم تسليماً كاملاً.
فتنة المتمردين
وإني أوجه رسالتين إلى عموم الشعب اليمني والقوى السياسية، الأولى حول التمرد في صعدة وأن هذا الأمر ليس مسألة سياسية تؤخذ في السياق السياسي مقطوعة عن حقيقتها العقائدية والطائفية بل هي بالنسبة للمتمردين مسألة عقائدية مذهبية يراد بها مواجهة ما عليه جماهير أهل هذه البلاد والانحراف بهم عن المنهج الصحيح منهج الكتاب والسنة وما كان عليه الصحابة وسلف الأمة.
أيضاً يراد بتلك الفتنة إشاعة العقائد المنحرفة المخالفة للكتاب والسنة وإشاعة البغضاء والكراهية لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.. يدفع إلى ذلك ولاءات عرفت بعدائها لأهل السنة من المسلمين وللعرب على وجه الخصوص، وبالتالي فإن النظر إليها النظرة الحزبية والسياسية المقطوعة عن التاريخ وعن الدين ستكون نظرة خاطئة ذات نتائج وخيمة على الأمة.
وعلى الجميع أن ينظروا إليها النظرة الصحيحة ويقفوا منها الموقف الذي يفرضه الدين وتقتضيه مصلحة البلاد والعباد.. وهو القضاء عليها وعدم تمكينها من الرسوخ في هذه الأرض المباركة.
فتنة الحراكيين
أما الرسالة الثانية فهي حول الحراك في الجنوب وإني أنصح بأن توجه هذه الجهود - جهود الحراكيين - للبناء وترسيخ الوحدة ومحاربة الفساد والظلم بشكل دقيق ومحدد وأن تتحد الجهود ويجتمع الناس على ذلك والكل يطالب بهذا المطلب وهو ليس مطلب محافظة معينة من المحافظات.
وأن نعلم أيضاً أن كل محاولة لتشتيت شمل الأمة وتفريق أبناء الوطن الواحد إنما هي خدمة لأعداء الأمة والوطن.
في المقابل أقول للدولة والقيادة السياسية إن غياب المبادرة والتضافر لتلبية المطالب »الصحيحة والحقيقية« والتسويف أو الوعود التي لا ثمرة لها هي من أهم الأسباب التي تجعل الناس يلتفون حول الداعين إلى الانفصال.. فليبادر المخلصون إلي إيجاد الحلول والمعالجات الصحيحة والناجعة..قبل أن يتحول الوضع إلى الأسوأ وعند ذلك سوف ندفع أضعاف أضعاف ما يمكن أن ندفعه الآن..وقد لا نتمكن من الحل..
الشعور بالمسؤولية
وفي الأخير أتمنى أن يكون العام القادم عاماً حافلاً بالتغير في التفكير وفي السياسات والأداء وأن يكون عام جد واجتهاد وأن لا يمضي بأخذ الأمور دون مسؤولية وأن يستشعر كل منا المسؤولية التي على عاتقه..
جميع الحقوق محفوظة لـ موقع الشيخ أحمد المعلم