عَجِبْتُ لِطُلاّبِ الْعُلُومِ وَمَا جَرَى لَهُمْ مِنْ مُجَارَاةِ الْخُطُوبِ الْعَوَاصِفِ
وَإِيضَاعِهِمْ بِالْجَهْلِ فِي كُلِّ فِتْنَةٍ يَجِلُّ مَدَاهَا عَنْ مَدَى كُلِّ وَاصِفِ
وَتَهْيِيجِ أَرْبَابِ الْمَآرِبِ عَنْوَةً لِدَافِقِ نَفْسِيَّاتِهِمْ وَالْعَوَاطِفِ
يَسِيرُونَ لا يَدْرُونَ أَيْنَ تَوَجَّهُوا وَيَرْمُونَ لا يَدْرُونَ سِرَّ التَّقَاذُفِ
عَلَى مَتْنِهِمْ تَرْقَى الْعُصَابَاتُ خِلْسَةً وَمِنْ دَمِهِمْ تُسْقَى عُرُوقُ التَّحَالُفِ
هُمُ الرَّأْسُ فِي كُلِّ الأُمُورِ وَإِنَّمَا لِغَفْلَتِهِمْ تَعْلُو جُمُوعُ الزَّعَانِفِ
وَكَمْ شَغَلُوا الأَوْقَاتَ عَنْ كُلِّ نَافِعٍ وَكُلِّ مُفِيدٍ بِالأُمُورِ السَّفَاسِفِ
يَسِيرُونَ سَيْرَ الْفَهْدِ فِي كُلِّ غَايَةٍ وَفِي الْعِلْمِ وَالتَّحْصِيلِ سَيْرَ السَّلاحِفِ
وَيُلْهَوْنَ بِالنَّفْلِ الْمُوَسَّعِ غَفْلَةً عَنِ الْفَرْضِ وَالأَمْرِ الْمُلِحِّ الْمُقَارِفِ
وَشُغْلُ غَدٍ أَوْلَى لَدَيْهِمْ مِنَ الَّذِي يَكُونُ لِهَذَا الْيَوْمِ أَوْ يَوْمِ سَالِفِ
وَكَمْ نَصَّبُوا حُكَّامَ جَوْرٍ وَبَاطِلٍ لِكُلِّ مُوَالٍ فِي الْوَرَى وَمُخَالِفِ
بِمِيزَانِ جَهْلٍ لا يَفُوهُ لِسَانُهُ بِعَدْلٍ وَلا يَرْضَى بِحُكْمِ التَّنَاصُفِ
وَرُبُّوا عَلَى حُبِّ الْجِدَالِ فَخَيْلُهُمْ بِهِ مُسْرَجَاتٌ بَيْنَ نَابٍ وَشَارِفِ
يَخُوضُونَ فِي عِلْمِ الْخِلافِ وَمَا دَرَوْا حَقِيقَةَ أَقْوَالِ الْوَلِيِّ الْمُؤَالِفِ
فَخَوْضُ عَوِيصَاتِ الْعُلُومِ لَدَيْهِمُ أَحَقُّ وَأَبْدَى مِنْ جَلِيِّ اللَّطَائِفِ
وَمَا حَفِظُوا شَرْطَ الْوُضُوءِ وَرُكْنَهُ لِشُغْلِهِمُ بِاسْمِ النِّسَاءِ السَّوَالِفِ
إِذَا عَجَزُوا عَنْ فَهْمِ عِلْمٍ تَنَكَّرُوا لَهُ وَدَعَوْهُ مِنْ عُلُومِ الْخَوَالِفِ
يُسَمُّونَ عِلْمَ الْفِقْهِ عِلْمَ تَعَصُّبٍ وَصُوفِيَّةٍ فَاعْجَبْ لِهَذِي الطَّرَائِفِ
يُرِيدُونَ سَتْرَ الْجَهْلِ بِالطَّعْنِ فِي الْهُدَى وَحِفْظِ مَكَانِ الْجَاهِلِ الْمُتَعَارِفِ
وَيَعْيَوْنَ عَنْ فِقْهِ النُّصُوصِ وَفَهْمِهَا فَيَبْدُونَ بِاسْمِ الظَّاهِرِ الْمُتَجَانِفِ
وَضَاقُوا بِعِلْمِ الشَّرْعِ ذَرْعًا فَضَيَّقُوا مَدَاهُ عَنِ اسْتِيفَا سَنِيِّ الْمَعَارِفِ
يُوَالُونَ فِي عِلْمٍ وَفِي تَرْكِ غَيْرِهِ وَيَهْجُونَ مَنْ يُعْنَى بِضَبْطِ اللَّطَائِفِ
أَحِبَّتَنَا دَرْبُ الْمَعَارِفِ مُوحِشٌ مَسَالِكُهُ مَحْفُوفَةٌ بِالْمَخَاوِفِ
أَحِبَّتَنَا سِيرُوا عَلَى النَّهْجِ قَاصِدًا وَإِيَّاكُمُ مِنْ مُغْرِيَاتِ الزَّخَارِفِ
فَلا خَيْرَ فِي نَهْجٍ وَإِنْ ذَاعَ صِيتُهُ يُخَالِفُ مِنْهَاجَ الْقُرُونِ السَّوَالِفِ
وَلا تُقْبَلُ الدَّعْوَى إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا بَرَاهِينُ صِدْقٍ حَبْلُهَا غَيْرُ تَالِفِ
وَمَا كَانَ مِنْهَاجُ الصَّحَابَةِ وَالأُولَى لَهُمْ تَبَعٌ فِي سَيْرِهِمْ وَالْمَوَاقِفِ
يُجِيزُ لِطُلاَّبِ الْعُلُومِ تَشَعُّبًا وَيَشْغَلُهُمْ عَنْ نَيْلِهَا بِالسَّفَاسِفِ
وَمَا كَانَ طُلاَّبُ الْعُلُومِ رَدِيئَةً لِطَالِبِ ثَأْرٍ أَوْ لِصَدِّ مُخَالِفِ
عُنُوا بِعُلُومِ الشَّرْعِ حَتَّى تَمَكَّنُوا فَصَارُوا رِمَاحًا فِي نُحُورِ الطَّوَائِفِ
جميع الحقوق محفوظة لـ موقع الشيخ أحمد المعلم