سُبْحَانَ مَنْ قَلَبَ السُّجُونَ مَسَاجِدًا فِي قَعْرِهَا الذِّكْرُ الْحَكِيمُ يُرَتَّلُ
تَعْلُو بِهِ الأَصْوَاتُ فِي جَنَبَاتِهَا كَخَلِيَّةٍ لِصِيَاحِهَا تَسْتَقْبِلُ
وَالذِّكْرُ وَالتَّسْبِيحُ دَأْبُ قَطِينِهَا فَكَأَنَّمَا عَكَفُوا بِهَا وَتَبَتَّلُوا
مَا سَاعَةٌ مِنْ لَيْلِهَا وَنَهَارِهَا إِلاَّ وَفِيهَا ذَاكِرٌ وَمُرَتِّلُ
وَكَأَنَّنَا وَقَدِ اسْتَحَرَّ دُعَاؤُنَا مَنْ رَاحَ بَيْنَ الْمَرْوَتَيْنِ يُهَرْوِلُ
أَوْ طَائِفًا بِالْبَيْتِ حِينَ قُدُومِهِ يَبْكِي وَيَلْهَجُ بِالدُّعَاءِ وَيَرْمُلُ
وَإِذَا أَتَى وَقْتُ الصَّلاةِ فَيَا لَهَا مِنْ سَاعَةٍ فِيهَا الْفُتُوحُ تَنَزَّلُ
يَتَصَاعَدُ التَّأْذِينُ مِنْ غُرُفَاتِنَا فَتَرَاهُ فِي ذَاكَ الْفَضَاءِ يُجَلْجِلُ
وَكَأَنَّنَا أَهْلُ الْمُحَصَّبِ مِنْ مِنًى قَامُوا إِلَى التَّأْذِينِ حِينَ تَحَلَّلُوا
مَا الْحَبْسُ إِلاَّ لِلْجُسُومِ فَإِنَّهُمْ حَجَرُوا عَلَيْهَا بِالْقُيُودِ وَأَقْفَلُوا
أَمَّا نُفُوسُ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّهَا فِيمَا تَشَاءُ طَلِيقَةٌ تَتَجَوَّلُ
لا يَحْبِسُ الأَرْوَاحَ غَيْرُ ذُنُوبِهَا فِيهَا تُغَلُّ عَنِ الْهَنَا وَتُكَبَّلُ
كَمْ مِنْ طَلِيقِ الْجِسْمِ مَسْلُوبِ الْهَنَا وَفُؤَادُهُ عَنْ كُلِّ خَيْرٍ مُقْفَلُ
رَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ الذُّنُوبِ سَحَائِبٌ فَتَرَاهُ فِي ظُلُمَاتِهَا يَتَمَلْمَلُ
وَمُكَبَّلٍ بِالْقَيْدِ حُرٍّ رُوحُهُ رَغْمَ الْمَصَاعِبِ بَاسِمٌ يَتَهَلَّلُ
نَزَلَتْ عَلَيْهِ مِنَ السَّكِينَةِ دِيمَةٌ فَغَدَا يُعَلُّ مِنَ الْهَنَاءِ وَيَنْهَلُ
وَإِذَا تَعَلَّقَتِ الْقُلُوبُ بِرَبِّهَا سَعِدَتْ وَفَارَقَهَا الشَّقَاءُ الْمُعْضِلُ
جميع الحقوق محفوظة لـ موقع الشيخ أحمد المعلم