أَلا هَكَذَا مَوْتُ الْكِرَامِ وَلا فَخْرُ وَمِنْ أَجْلِ هَذَا الْمَوْتِ فَلْيُبْذَلِ الْعُمْرُ
ثَوَى أَحْمَدُ الْيَاسِينُ غَيْرَ مُذَمَّمٍ يُجَلِّلُهُ فِي قَبْرِهِ النُّبْلُ وَالطُّهْرُ
وَأَيُّ مَمَاتٍ مِثْلُ مِيتَتِهِ الَّتِي بِهَا تُدْرَكُ الْحُسْنَى وَيُسْتَنْزَلُ النَّصْرُ
وَخَاتِمَةٌ يَسْعَى لَهَا الشَّيْخُ دَهْرَهُ فَجَادَ بِهَا إِنْ صَحَّ تَعْبِيرُنَا الدَّهْرُ
نَعَمْ نَالَ هَذَا الشَّيْخُ غَايَةَ قَصْدِهِ وَمَا قَصْدُهُ إِلا الشَّهَادَةُ وَالأَجْرُ
وَنَصْرٌ عَلَى الأَعْدَاءِ يُرْفَعُ عِنْدَهُ عَنِ الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الْمُعَانَاةُ وَالأَسْرُ
وَتَرْجِعُ أَرْضُ الْقُدْسِ طُرًّا لأَهْلِهَا وَلَيْسَ لِبَاغٍ فِي مَرَابِعِهَا شِبْرُ
وَلَيْسَ حُدُودَ الخَانِعِينَ حُدَودُهَا وَلَكِنَّ حَدَّيْهَا هُوَ الْبَحْرُ وَالنَّهْرُ
فَقَدْ نَالَ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ بِصِدْقِهِ وَتَتْبَعُهَا الأُخْرَى وَإِنْ ضَمَّهُ الْقَبْرُ
فَلِلَّهِ مِنْ شَيْخٍ تَعَاظَمَ قَدْرُهُ وَأُمَّتُهُ الْمِلْيَارُ لَيْسَ لَهَا قَدْرُ
وَصَارَ زَعِيمًا لِلْمَلايِينِ وَحْدَهُ وَأَلْفُ زَعِيمٍ وَزْنُهُمْ عِنْدَهَا صِفْرُ
وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ يُحَبُّ لأَجْلِهِ وَلا سَطْوَةٌ تُخْشَى لَدَيْهِ وَلا قَهْرُ
وَلَكِنَّهُ صِدْقُ الْيَقِينِ بِرَبِّهِ وَإِخْلاصُهُ وَالْمَوْقِفُ الصُّلْبُ وَالصَّبْرُ
وَحُبٌّ لِرَبِّ النَّاسِ أَسْكَنَ حُبَّهُ قُلُوبَ الْوَرَى مَنْ بَارَ مِنْهُمْ وَمَنْ بَرُّوا
وَخَوْفٌ مِنَ الْجَبَّارِ طَمْأَنَ قَلْبَهُ فَلَيْسَ لِخَوْفِ النَّاسِ فِي قَلْبِهِ وَقْرُ
بَلَى خَافَهُ الأَعْدَاءُ حَتَّى تَحَيَّرُوا أَلَحْمٌ فُؤَادُ الشَّيْخِ أَمْ أَنَّهُ صَخْرُ
وَهَلْ عَقْلُهُ الْمَحْبُوسُ فِي سُقْمِ جِسْمِهِ مِنَ الْمُخِّ أَمْ نُورٌ حَبَاهُ بِهِ الْبَدْرُ
وَهَلْ صَوْتُهُ الْمَخْنُوقُ فِي الصَّدْرِ أَحْرُفٌ تُرَى أَمْ بَرَاكِينٌ يَجِيشُ بِهَا الصَّدْرُ
وَهَلْ مُقْعَدٌ ذَا الشَّيْخُ أَمْ هُوَ فَارِسٌ عَنِيدٌ شَدِيدُ الْبَأْسِ كُرْسِيُّهُ الْمُهْرُ
لِذَا حَطَّمُوا الْكُرْسِيَّ جُبْنًا وَخِسَّةً مَعَ الشَّيْخِ يَوْمَ اسْتَحْكَمَ الْحِقْدُ وَالْغَدْرُ
وَقَدْ أَيْقَنُوا أَنَّ الصَّلاةَ سِلاحُهُ فَغَالُوهُ حِينَ انْشَقَّ وَانْتَشَرَ الْفَجْرُ
وَلَمْ يَرْهَبُوا قَصْرًا مَنِيفًا وَإِنَّمَا مِنَ الْمَسْجِدِ الْمَعْمُورِ يَأْتِيهِمُ الذُّعْرُ
لِذَا كَرَّرُوا قَصْفَ الْمَسَاجِدِ عَنْوَةً فَفِي سُوحِهَا يَخْشَونَ أَنْ يُبْرَمَ الأَمْرُ
فَيَا أُمَّةَ الإِسْلامِ عُودِي رَشِيدَةً إِلَيْهَا فَفِيهَا الأَمْنُ وَالْعِزُّ وَالنَّصْرُ
وَيَا قَادَةَ الْعُرْبِ انْبِذُوا الْجُبْنَ قَرِّرُوا بِمِثْلِ مَصِيرِ الشَّيْخِ أَنْ يُخْتَمَ الْعُمْرُ
فَإِنَّ مَمَاتًا مِثْلَ هَذَا مُشَرِّفًا يُفَضِّلُهُ فِي حِقْبَةِ الذِّلَّةِ الْحُرُّ
جميع الحقوق محفوظة لـ موقع الشيخ أحمد المعلم